عقد اجتماعي جديد للأزمة الليبية برؤية سوسيولوجية
الملخص
بعد مرور أكثر من عقد من الزمان على بداية الأزمة الحالية للمجتمع الليبي، وبذل كثير من الجهود و المحاولات لحلها اتصف بعضها بالجدية، وافتقر بعضها الآخر الى هذه الصفة، وكان مجرد كسب للوقت لاغتنام المزيد من المكاسب من قبل أطراف داخلية و خارجية، صار التصدع في البناء الاجتماعي للمجتمع الليبي أكثر وضوحاً، ومعالم الانهيار القيمي بادية للعيان، وانعكس ذلك على الحياة السياسية التي تحولت إلى ميادين لصراعات لا تنتهي جولة منها إلا لتبدأ جولة أخرى، و تعددت الأطراف الداخلية، وتعدد داعموها الإقليميون، والدوليون و كلٌ يسعى لمصالحه ببراغماتية متطرفة تتجاهل تماماً النتائج المترتبة عن ذلك، وآثارها على المجتمع الليبي كله ويمضى الوقت و تزداد الهوة اتساعاً، ويتضح حجم الاستقطاب السياسي و الاجتماعي بشكل لم نعهده من قبل و أصبحت التوقعات المستقبلية حالكة السواد، فالمقدمات تنبئ عن النتائج فهل يسير المجتمع الليبي الى نموذج اللبننة او نموذج البلقنة خيارين كليهما مؤلم يجعل نار التفتت و الانهيار و الصراع كامنة تحت رماد سلم هش؟! هل بإمكان الليبيين انجاز عقد اجتماعي جديد يحفظ الهوية الثقافية الليبية موحدة ويضمن بناء اجتماعياً خالياً من الصراعات المدمرة، في ذات الوقت الذي نحترم فيه اختلافاتنا والفروقات الثقافية البسيطة بيننا دون أن نضخمها ونجعلها بذرة للانقسام والتفرق ؟، وما النظام السياسي الذي سيتمخض عن هذا العقد أهو تنين هوبز أم ديمقراطية روسو؟!
من خلال هذا البحث سنقدم مقاربة سوسيولوجية للوضع الراهن للأزمة الليبية، كما سنحاول تقديم مقترحات عملية لحل بعض جوانب الأزمة مسترشدين بتجارب لدول ومجتمعات مرت بعقبات مشابهة واستطاعت تجاوزها.